15 , ديسمبر 2025

القطيف اليوم

إليك بُني.. "33".. لا تُطفئ نُورك..

   يقال: النسخة الأخيرة التي تراها من الأشخاص، حينما تُنهي علاقتك بهم، هي كانت حقيقتهم مُنذ البداية. إن الذي يجعلك لا تُبصر هذه الحقيقة، هو بسبب حُبك العميق لهم، والذي كان حاجبًا، حال بينك، وبين قراءة ما وراء الملامح، وما يختبئ في أنفسهم وأفكارهم، وحين يهاوى الحب، وتتكسر مرآته، يُنفض عنه الغبار بعد انتهاء العلاقة؛ فتغدو الحقيقة جلية. يقينًا ستوجعك، كصفعة، ولكنها ستوقظك، وتُهديك وعيًا، قد لا تجده في الكلمات، والحكايا.

 تمضي الأيام، وتظن أن الآخرين، يحملون في قلوبهم، ما أنت تحمله لهم، ولا تدري أن ما تعيشه، هو الوهم نفسه، والذي نسجته مشاعرك؛ نتيجة لاشتعال رغبتك. وفي لحظة انكشاف هذا الوهم، سينهشك الألم؛ فتجيء الحقيقة مُوجعة. ترفق بنفسك، بقلبك؛ لا شيء يستحق انكسارك، وإن أوجعك الخذلان. لا تأسف على نُكران جميل قدمته، حتى مشاعرك، والتي يُستهان بها؛ لتكون مُلقاة على طرف ظل، كالعابرين، يمرون، وكأن لم تكن الظل، أو لها قيمة تُذكر.

 خُذني بحلمك؛ لأهمس في أذنيك هذا المشهد، والذي صغته في خيالي على وقع ناي حزين؛ لتُبحر في خيالك. مع الهدوء برفقة الوحدة، قد تكون -أنت- في أعماق أحدهم، صدى وجع لا يهدأ، يعتصر قلبه، أنفاسه ترتجف؛ لأنك خذلته يومًا، ولم تكن في حُسن ظنه بك، وتكون أنت السبب في آلامه، فينادي مُنكسرًا في داخله "حسبي الله ونعم الوكيل"، حينها سيشعر بالسكينة والاطمئنان، مُتوكلًا على الله، صابرًا، مُحتسبًا، هل ستشعر بما شعر به؟!

 ما لعينيك يشوبها اتساع رمشيها، حاجبيك يرتعشان، وصوت أنين خافت، أراني أصغي إليه. يبدو أن وضعي لك في هذا المشهد أحزنك، أرق تفاصيلك، أعلم ذلك.

 بُني..

 دع الآخرين، حين يمرُّ طيفك في خيالهم، تُعانقهم البهجة، ويرفعون أيديهم إلى السماء بالدعاء لك. إنها القيمة الحقيقية. فقط تأمل.

 لا تجرح أحدًا، لا بكلمة، ولا بموقف، أو تخذله في موضع، كان يجد فيك الأمل، والبلسم إلى أحزانه. وإن لم تستطع أن تكون بلسمًا وأملًا، فلا تكون جُرحًا. فقط دعك في شأنك، ودعه في شأنه.

 ولا تُطفئ نُورك، هذا النور الذي ينبع من أخلاقك ومبادئك التي تسعى إلى تطبيقها، والالتزام بها، والتي أمرنا بها الدين الإسلامي. ضعها نُصب عينيك، وفي قلبك ورُوحك. لتكون علاقاتك مبينة على هذه القيم، لا بحسب الأهواء العابرة، ولا الغايات والمصالح الوقتية. إن العلاقات التي تُبنى على الوهم، لا تنبض بالحياة. إن أفرحتك هُنيئة، ستُبكيك دهرًا؛ لأنها تُفقدك قيمتك، وتُفقدك ذاتك.


error: المحتوي محمي